~|خــاشــقــجــي ،،،ضـحـيــةُ جـديــده |~

خاشقجي

سلامــٌ من الله عليكمــ ورحمةٌ منه وبركاتـــ

أسعد الله أوقاتكم بكل الخير والمحبه ، وتحيةً طيبةً ، وبعد :

انشغل العالم بأسره خلال الشهر المنصرم بقضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي وما أثاره ذلك من ضجةٍ إعلاميةً كبرى كانت غير مسبوقةٍ نوعاً ما ، فلطالما سمعنا عن اغتيالاتٍ وتصفياتٍ لشخصياتٍ متعددة المجالات والأعراق والأديان ، ولكن الضجةَ الإعلاميةَ والاهتمام العالمي الكبير بالقضيةِ كان فعلاً غير مسبوق .

ولن نتحدث هاهنا عن استنتاجاتٍ وتحقيقاتٍ ومؤامراتٍ حول كيفية حدوث الجريمة وطريقة تنفيذها ، فالمتحدثون في هذا الموضوع كُثر ، ولا نريد أن نسقط في ذاتِ الفخِ الذي وقع الكثيرون به ، الا وهو التأويل الكاذب والاستنتاج الخاطيء ومحاولة الاستفادة من الموت المؤسف لأحدهم مهما كان .

لكن السؤالُ الحقُ هو : لما قُتِلَ الرجل ؟

كما هو الحال مع الكثيرين وحتى لو لم تكن مهتماً كثيراً بالرجلِ وآرائِه ومواقفه من قبل أن يحصل ما حصل ، فلقد بات البحث في ماضي الرجل ومقالاته وكتاباته شيئاً لا بُدّ منه ، وسواءُ كنت ممن فعل ذلك أو ممن عرف الرجل قبل ذلك فلا بد بأنك لاحظت بأن الرجل لم يكُّ شديد المعارضةِ من اولئك الذين يرفعون أصواتهم ويستغلون كل موقفٍ ومقابلةٍ ومقالٍ لمهاجمة من يعارضونه ( العائلة الحاكمة في السعودية في حالة خاشقجي ) ، بل انه كان هادئاً جداً ولم يتهجم بلفظٍ صريحٍ او مبطنٍ على أولي الأمر في المملكه ، كل ما كان هنالك بأن الرجل كان ينتقد الخصام السعودي القطري ويدعو إلى إنهائه وهو ما يبدو كجريمة عظمى بالنسبة للسعودية مؤخراً قياساً على ما يحدث مع الشيخ سلمان العوده ، وكان خاشقجي ايضاً يدعو الى اعادة النظر في التدخل السعودي في اليمن الشقيق وبأنه يزيد الامور سوءاً عوضاً عن تحسينها ، وكذلك كان ينتقد غياب بعض حقوق الانسان وانتهاكاتها وتغييب الرأي الأخر ومحاولة القضاء عليه ، ولكنه مع ذاك كان معتدلاً هادئاً مادحاً للسعودية وحكامها وغير مطالبٍ بازاحتهم عن عروشهم او تقسيم أموالهم أو محاسبتهم على فعلٍ من أفعالهم .!

البعض يقول ، بأن السعودية إنما بفعلتها هذه انما كانت تبعثُ برسالةٍ للمعارضين الأخرين مفادها بأنه حتى ولو كنت معارضاً معتدلاً وحتى وإن كنت في السابق مقرباً في النظام فإنك لست في مأمنٍ من العقاب وأن السمع والطاعة العمياء هما الخلاص الوحيد ، وبأنك حتى لو كنت في بلادٍ اخرى وحتى ولو كنت في داخل مكانٍ من المفترض بأنه أمن ( حيث تُعد القنصليات والسفارات بمثابة الحرم الذي يلتجيء إليه المواطنُ المنتمي لهذه السفارة عند وقوع خطرٍ في البلاد التي توجد فيها هذه السفاره ) ، فأنك لن تكون في مأمن من العقاب هناك !

ولكن هذا لا يبدو صحيحاً على الإطلاق وان بدا منطقيا ، فالسعودية لم تكن ترغب في أن ينتشر خبر وفاة الرجل وأرادت من موته ان يكون اختفاءاً سرياً ولغزاً يبقى حله طيّ الكتمان ، ولولا سوء “الطالع” والتخطيط معاً لكان لهم ما ارادوا ..

هل كانت السعودية تخشى من أن تلتف وجوه المعارضة حول الرجل وأن يصبح نوعاً من الرموز القيادية لها ولهم ؟ أم أن كل هذا كان فقط لأن سليمان وابنه لم يعجبهما انه انتقدبعضاً من قراراتهما في مؤتمر صحفيٍ هنا او مقالٍ هناك ؟ يبدو بأن لا أحد عنده الجواب الشافي إلى هذه اللحظه ..

لكن ما يُحزن فعلاً هو ما آلت إليه الأحوال في بلد الحرمين الشريفين ، فمن تغييرٍ كبيرٍ في العادات والتقاليد والقيم ، إلى إدخال الحفلات والمهرجانات إلى الارض المقدسه ، والإهتمام المبالغ فيه بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن تبع ذاك الكثير من التنازلات السياسية والمالية من قبل المملكة السعوديه ، إلى الإنفتاح في العلاقات مع إسرائيل والإنقلاب الكبير في موقف خادم الحرمين وجماعته من القدس ومكانتها ومن القضية الفلسطينية ومدى أهميتها ، ولا ننسى الحرب الطويلة على اليمن والتي تبدو بلا هدفٍ ولا نتيجةٍ عدا الألاف من الضحايا الأبرياء ، والموقف العدائي الغريب من قطر والذي لم تعامل السعودية فيه احداً من قبل حتى اسرائيل نفسها ، والانقلاب على الحلفاء والمعارضين على حدٍ سواء في انتقالٍ مؤسفٍ وواضحٍ لدكتاتوريةٍ جديدةٍ في وقت كنا نظن بأننا لربما شارفنا على زمنٍ نتخلصُ فيه من ذلك النوعِ من الأنظمة ولكن للأسف الاحوال المحيطة بنا لا تبشر بذلك ابدا ..!

لا أدري لما كتبت عن هذا الموضوع بالذات بعد كل هذا الانقطاع ، لربما لأنني أردت أن أكتب وكان هذا الموضوع هو اكثر المواضيع المتداولة في الوقت الحالي ، فكان ما كان .

رحم الله القتيل واحسن عزاء اهله ، وعلّ الحقيقة تظهر قريبا .

دمتمــ بخير 

4 آراء حول “~|خــاشــقــجــي ،،،ضـحـيــةُ جـديــده |~

  1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته~

    إي والله..
    تركنا كل المواضيع والأزمات وانصبّ جل اهتمامنا بهذه القضية، إنّه لشيء غريب فعلا. وكما يروج البعض بأن الحالة هستيرية إلا أنّه منا من يؤمن بأنها لعبة القدر.

    شعوب هُدّمت وعلاقات دُمّرت ولم يستطع أحد أن يحرك عرش الفساد القابع في أدمغة الحكام. لكني أرى أن الله أراد بالمرحوم أن يزلزلهم، يستغرب البعض كيف أن لرجل واحد فقط أن يفعل ما فعل، سبحان الله. أرى أن الغرور قد طغى على أولائك القابعين في منصة الحكم فتمادوا كثيرا حتى كأنهم سيدّعون الألوهية إن استطاعوا!. فبعد أن هتكوا الأعراض واعتقلوا المئات وشنوا الحروب وأذاقوا الويلات.. ولم يجدوا من يوقفهم عند حدّهم ، استحقروا رجلا فقطّعوه ونشروه مهزلةً،، وتناسوا بان هناك من يمهل ولا يهمل.

    نحن الشعوب ضعفاء ونعترف،، ليس بوسعنا فعل الكثير،، فينا من الزلات والهفوات ما فينا ولكن رغم كل ذلك،، ندعو الله أن يغفر لنا ويستر علينا و يغير حال هذه الأمّة إلى الأفضل،، آه كم نتمنّى أن نستعيد بعض من كرامتنا ونخوتنا،، وكم نحلم بحكام الشهم والمروؤة لا حكام الخمر والدعارة.

    يا أخاه،، ماذا عسانا أن نفعل في زمن حتّى الصمت محسوب علينا،، من الجور والضيق المكبوت في صدور الأقلام الحرّة أراهم يتنفسون الصعداء بهذه القضية،، ويستبشرون خيرا بأن دوام الحال من المحال،، وأن الله على كل شيء قدير..

    رحم الله القتيل وأحسن عزاء أهله.

    بارك الله فيك وسررت كثيرا لقراءة حروفك،، لا عدمناك.

    دمت بخير وحفظ الرحمن

    MarOon

    إعجاب

  2. أهلاً بكِ أيتها الفاضله

    كنتِ ولا زلتِ هنا معي منذ البداية رغم طول السنين وتعددها ، فكم احترمك إي والله

    ولكم وددتُ لو اقرأ لكِ كذلك فلطالما كنتِ كاتبةً مرموقه ، ألم يكُّ لديكِ مدونةُ كهذه من قبل ؟ فماذا حصل لها ؟

    أرجو ان تتحقينا بها ان كانت لا تزال قائمه .

    مسكينٌ هذا الرجل ، قد نتفق معه او نختلف ولكن ما يحزنني هو حين يدخل المرء حرم القنصلية امناً مطمئناً غير متوقعٍ لما ينتظره على الإطلاق فيجد في انتظاره زبانيةً من البشر ينتظرونه ليبطشوا بهِ بينما من المفترض ان تكون القنصليات ملجأ أمانٍ ومحل استجاره ، ولكنهم حولوها للأسف إلى محل بطشٍ وجزاره !

    ولكن عزاء الرجل مع أن ليس في القتل عزاء بأنه وحد الرأي العالمي بشكلٍ كبير في الوقت الذي فشلت فيه عديد الموضوعات والقضايا في فعل ذلك ، وبأن موته والظلم الذي تعرض له والمطالبة بالعدل والقصاص اصبح مطلباً عالمياً وعلى كل لسانٍ وبمختلف اللهجات واللغات ، عسى ان يكون شهيداً وأن تشكل شهادته حصناً وحمايةً للمعارضين والصحفيين من امثاله في المستقبل ، حيث سيخشى القتلة الأن من تكرار مثل هذه الأفعال حتى لا تحدث نفس الجلبه

    دمتِ كما أنتِ أختاه

    Liked by 1 person

  3. جزاك الله خير أخي الفاضل،،

    كانت لدي مدونة ولكنها الآن في سبات عميق… فبعد أن أشغلتني الحياة هاجرت الكثير من الهوايات،، حتى أني امتنعت عن كتابة خربشاتي المتواضعة…

    رحمه الله رحمة واسعة.. سبحان الله.. كيف أن قضيته وحّدت الرأي وأزاحت الستار وأسقطت الكثير من الأقنعة..

    بارك المولى فيك

    إعجاب

    • لاحظت ذاك وقد فعلت بي الحياة ما فعلت بك أُخيّه ، ولقد انقطعت طويلاً وجداً بدوري ، وفقدت الكثير من الرغبة والمهارة في القراءة والكتابة على حدٍ سواء ، لعلي استرجع بعضاً مما فقدت ان شاء الله .

      مدونتي دوماً مفتوحةٌ لكِ اختاه ، إن رغبتِ النشر فيها فهي تحت تصرفك في أي وقت ..

      دمتِ طاهره

      Liked by 1 person

أضف تعليق